الأحد، 30 أبريل 2017

(لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ)


يامن تستكثرون على وجنتي الضحكات فأبشرهم بأن وسادتي غرقت من دموعي   يامن ترون في مرحي المنكر فسأُخبركم بأن البؤس مزق جسدي ، يا هذا الذي ترى في عفوية تصرفي غباء ، فاعلم بأن سوط اللؤم أسقم ساعدي ، يامن تظنين بأن في تفاؤلي نقصاً ، فاعلمي بان كابوس التشاؤم سمم أحلامي ، يا من تستنكرون براءة تصرفاتي ، فاعلمو بأن سلاسل الظلم قيدت يدي و رجلي.

تتعاقب على أحزاني الفصول ، ألم تستطيع حرارة الشمس صهر أحمال المصاعب التي أحنت كتفي! و لم يقدر زمهرير الشتاء كسر الأغلال التي أثقلت قدماي فلم أتمكن من التقدم قدر أنملة ، يا أحزاني ألم تخجلي من أزهار الربيع فتكفي عن مضايقتي ، لماذا لا تتساقطي عن شجرة حياتي وتجفي و تتلاشي كما يحدث لاوراق الخريف؟!

يامن تستكثرون على شفتي الإبتسامة ، فصدقوني هي كل ما أملك من أمل، إنها القشة التي تربطني بالحياة  يامن تريدون تدنيس براءة قلبي الأبيض ، فاعلمو بأن براءتي المتبقية هي ما تبقيني أتنفس ، أتريدون أن تسلبوا مني أنفاسي وتغرقوني في بحر عنجهيتكم .

تريدون أن تتحكمون بخيوط حياتي كدمية ورقية؟ أيا ترى هل لأنكم أقوى مني وأقدر! أم لأنكم ضعفاء لدرجة ترغبون أن تُحكِموا قبضة حسدكم على رقبتي فتفصلوا جسدي الواهن عن رأسي المثقل بالهموم.
هل يبدو العبوس لكم عملية سهله ؟ فمن أجل الحصول على وجه مجرد من البهجة يحتاج الوجه إلى استخدام عضلات أكثر وحرق جهد أكبر .
أنا انشر ضحكاتي في الأرجاء لكي أطرد شياطين بؤسِكم  ، أتبسم لعل بسمتي تضيء حياة قلب أطفاتموها بجهلِكم ، أتبسم حتى تلمع عيناي لتبدو كنجم مشع في عقول ملئتموها بغروركم ضباب المعاناة حتى لم تعد تستطيع السير داخل غشاوته  بإظهار عفويتي أنعش قلوباً أنتم اعتصرتموها بتجاهلكم حتى توقفت عن النبض أخفي أوجاعي و أظهر محاسن أموري لأزرع الأمل في من أقحلتم حياته بإحباطكم إياه فقط لأنكم لا تعترفون بمصطلح المديح الى وقت المصالح.

حتى إذا استجبت لجبروتكم، فأطبقت شفتاي عن الضحك كما تطبق الوردة على بتلاتها لتحرمنا من جمال روحها وأجبرت قلبي على السكون، لتبدوا كليلة هطلت عليها الأمطار بغزارة ثم توقفت وشدت رحالها تاركة المكان في حالة من السكون يصعب علي وصفها بالكلمات ، فهناك مشاعر لا توصف .
جلست دون حراك كدمية جميلة ، مجرد أنفاس تُحرك قفص صدري ، تُصارع رئتاي ضلوعي على الإرتفاع لتزود قلبي الواهن بالأكسجين ، دقات قلبي لم تعد تُلحِن و تُطرب لروحي ،كأنها تناست لحن الحياة فقررت تقمص لحن عقارب الساعة المجردة من جميع إنعكاسات الحياة فلا ترى خلالها سوى خيالات أناس كانوا يعيشون في زمن المحبة و الرحمة و الانس .

ما فاجأ عقلي و أدهش حواسي ، لن أقول بان بدني اقشعر لأنه لم يعد يأبه بهذه الحياة  عندما أقبل من أجبرتني سطوتهم على ما أنا عليه ، ليزدروا مرة اخرى بقولهم : لم أنت حزينة تبدين شاحبة كالمومياء ، وجهك مجرد من الملامح ، كرسام شرع برسم لوحة فاتنة غير أن ألوانه نفذت  قبل أن يضع لمساته الاخيرة ،فنظرت إليهم لأجيب ولكن صوتي غرق داخل حنجرتي ، لم أعد أقدر عن الدفاع عن نفسي.
 آه لو أن لي وزيراً من أهلي ليحجِب  بفصاحة لسانه و أناة صوته آذيتهم ، آه لو أن لي أبا يخيفني بين ضلوعه و يضع يده على أذني كي لا أسمع بها صوتهم ، فلا أسمع الى صوت قلبه بأذني الاخرى ، ولكن أخفى عني القدر شاهد قبره ، ولَم يمنحنا الزمان وقتا لكي نتعرف على بَعضِنَا لكي أُمتع شفتاي بقول كلمة أبي لكي أُسجل في شريط ذاكرتي ملامحه ، ضحكاته و صوته الذي كان يغني لي و أنا طفلة .

أنظر الى إخوتي وقد شتتهم طرق الحياة  ، وقذفت بهم أمواج الواقع  بعد أن قلبتهم رأسا على عقب و جردتهم من كل جميلِِ أودعه الخالق داخل عقولهم ، ألقت بهم على جزيرة العزلة فهل من منقذ لهم ؟!
أعيش تحت سقف متشقق يكاد أن يهوي على رأسي ،غير أن أصابع القدر ممسكة به  أسير بقدمي على أرض تبدو سوية ولكن زلزال الغربة مُتأهب لكي بزلزلها من تحتي فأهوي الى جحيم عبوديتكم غير أن سخور  القدر لا تزال متماسكة .

اذا كنت حزيناً فليس بالظرورة أن يكون الجميع في حالة من الحزن ،إن كنت مهموما فليس لك الحق أن تجرنا الى ظُلمتك ، إن كنت سقيما فلا يجوز لك أن توخِزنا بمصل الشلل فلا نقدر على الحراك ، يمكنك أن تخبرني بأنك مهموم فاواسيك يمكنك أن تخبرني بأنك مريض لكي أعالجك ، يمكنك أن تهمس لي عن حزنك لكي أبحث عن كل أسباب الضحك و أقدمها لك لعلي أتمكن من دغدغة قلبك بالضحكات  إن كنّا جميعا تعيسون فما الجدوا، إن كنّا جميعا غاضبون فما النفع من ذلك ، رجاء اخبروني ؟

نحن جميعا محتجزون في هذه الحياة، كُتب لنا أن نعيش فيها كل منا ومدة عمره فمنا من يعيش المئة، و منا من يتحرر في المهد ، مهمتنا أن نتعاون و نتشارك لا أن نتنافس و نتقاتل ، ليس بالظرورة أن نقضي حياتنا في معارك عقيمة ، إذا وجدنا الفرصة في أن نعيش في سلام فلم نستعجل الحرب، إذا أقبل علينا عبير الرضى فلماذا نلوثه بأنفسنا الكريهة ؟! إذا وجدنا من يضحك فلماذا لا نضحك معه فنجدد أرواحنا ؟ لماذا نتسارع لإخماد شعلة أمله حتى ننسيه لذة الشعور بالفرح ؟

الحياة هي أن نبحث عن أي ثغرة للأمل، عن أي نور للسلام ،عن أي فرصة للمرح، عن أي دقيقة للسكون عن أي لحضة للتعاطف ،لأن صدقوني كل ماهو عكس ماذكرت يقدم على طبق من ذهب ، يوزع بالمجان ولا يباع .


أعد المقالة : أمينة عبد القادر عثمان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق