الأحد، 30 أبريل 2017

شوط لرقص الكلمات


      أجلس خلف مقاعد فاخرة على أرض ممددة بفراش كريمي اللون ، يعلو رأسي سقف مزين بالثريات ،أجلس كما يجلس شيخ القبيلة من دون أن أتكئ  مرتدية  لباس بسيط لا يليق بفخامة المكان و حدث الزمان، أحتسي قهوتي العربية التي سكبت بكرم من دلة مطلية بلون الذهب ، أستلذ بحلاوة قطع الشوكولاة .

الفتيات مطلات بأجمل الفساتين ، شعورهن مسرحة كما لو كنت محاطة بالحور العين ، أجلس حولهن ولاكن لا يلاحظن وجودي ، لأنني ببساطة مخلوق لطيف رقيق أخفي جمال شعري المجدول بطرحة سوداء و أحجب إمتلاء شفتاي وغمازة وجنتي اليمنى بنقاب ، فلا يظهر سوى حدود عيني الواسعة ونظرتي الضاحكة .
النساء يتحاورن و الفتيات يرقصن على إيقاع الطبل و الدف ، دلال القهوة تجود بكرم حاتم ، قطع الحلوى المعدة على يد أشهر الطهاة لترضي ذائقة الحاضرين .
حتى إذا حل منتصف الليل أقبلت العروس برداءها الأبيض، تغشاها طرحة بيضاء طويلة كما يغشى ضوء الشمس سطح النهر لتزيده لمعة وجمال تسحربها عين الرائي ، أطلت على الحاضرات حاملة بيديها باقة ورد أبيض متوردة برذاذ الخجل ، خطت على ممر يعكس أنوثة وجهها، أقبلت و تأملتها العيون و نطقت الشفاه بماشاء الله . جلست على عرشها المرصع بالورود الذابلة أمام جمالها .

قد يسال ساءل عن حالي ، ماذا أصنع في ذلك المكان و أنا بهيئة غريبة؟! أبدو كمن زرع الياسمين بين الخزاما .
عزيزي القارء ببساطة أنا أعيش في هامش صفحات الآخرين ، أمثل دور ثانوي في حياتهم ، أشاهد أفراحهم كما تشاهدنا النجوم من بعد ملايين الاميال .
أقدم لهم يد المساعدة دون الترقب الى الشكر ، كيوم تكون في مأزق و لا تعلم ما ذا تصنع أو كيف تتصرف فيقبل عليك شخص تجهل من هو فينقذك من كربك و يمضي في طريقه ، كيف سيكون شعورك حينها ؟ أنا أبدو في واقع الحال كذلك الشخص  قد تكون رأيتني مسبقا قد أكون مررت بطريق حياتك و رسمت البهجة على وجهك  و أدفات قلبك .
ها أنا ذا الْيَوْمَ أدوّن في مفكرتي لحظات من حياة الآخرين  كعدسة تحبس إحساس اللحظة على سطح ورقة بيضاء لتبقى لأجيال قادمة ، وعندما يحين يومي و أكون بطلة قصتي ليست المفكرات الصغيرة من ستسطر حياتي ، بل ستتسابق المجلدات والعقول و الافئدة لتحتوي شعاع نجمي .

وبينما كانت كلماتي تتسابق كي تحجز لها مقعدا بين سطور مفكرتي ، انطلقت وداعية العروس لتنقلها الى بيت  الزوجية ، ومعها تباطأت كلماتي واستراحت في مهاجعها استعدادا للقصة القادمة .

أعد المقالة : أمينة عبد القادر عثمان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق