أجلس خلف مقاعد فاخرة على أرض ممددة بفراش كريمي اللون ، يعلو رأسي سقف
مزين بالثريات ،أجلس كما يجلس شيخ القبيلة من دون أن أتكئ مرتدية لباس بسيط لا يليق بفخامة المكان و حدث الزمان، أحتسي قهوتي
العربية التي سكبت بكرم من دلة مطلية بلون الذهب ، أستلذ بحلاوة قطع الشوكولاة .
الفتيات مطلات بأجمل الفساتين ، شعورهن مسرحة كما لو كنت محاطة بالحور
العين ، أجلس حولهن ولاكن لا يلاحظن وجودي ، لأنني ببساطة مخلوق لطيف رقيق أخفي جمال
شعري المجدول بطرحة سوداء و أحجب إمتلاء شفتاي وغمازة وجنتي اليمنى بنقاب ، فلا يظهر
سوى حدود عيني الواسعة ونظرتي الضاحكة .
النساء يتحاورن و الفتيات يرقصن على إيقاع الطبل و الدف ، دلال القهوة
تجود بكرم حاتم ، قطع الحلوى المعدة على يد أشهر الطهاة لترضي ذائقة الحاضرين .
حتى إذا حل منتصف الليل أقبلت العروس برداءها الأبيض، تغشاها طرحة بيضاء
طويلة كما يغشى ضوء الشمس سطح النهر لتزيده لمعة وجمال تسحربها عين الرائي ، أطلت على
الحاضرات حاملة بيديها باقة ورد أبيض متوردة برذاذ الخجل ، خطت على ممر يعكس أنوثة
وجهها، أقبلت و تأملتها العيون و نطقت الشفاه بماشاء الله . جلست على عرشها المرصع
بالورود الذابلة أمام جمالها .
قد يسال ساءل عن حالي ، ماذا أصنع في ذلك المكان و أنا بهيئة غريبة؟!
أبدو كمن زرع الياسمين بين الخزاما .
عزيزي القارء ببساطة أنا أعيش في هامش صفحات الآخرين ، أمثل دور ثانوي
في حياتهم ، أشاهد أفراحهم كما تشاهدنا النجوم من بعد ملايين الاميال .
أقدم لهم يد المساعدة دون الترقب الى الشكر ، كيوم تكون في مأزق و لا
تعلم ما ذا تصنع أو كيف تتصرف فيقبل عليك شخص تجهل من هو فينقذك من كربك و يمضي في
طريقه ، كيف سيكون شعورك حينها ؟ أنا أبدو في واقع الحال كذلك الشخص قد تكون رأيتني
مسبقا قد أكون مررت بطريق حياتك و رسمت البهجة على وجهك و أدفات قلبك .
ها أنا ذا الْيَوْمَ أدوّن في مفكرتي لحظات من حياة الآخرين كعدسة تحبس إحساس اللحظة على سطح ورقة بيضاء لتبقى
لأجيال قادمة ، وعندما يحين يومي و أكون بطلة قصتي ليست المفكرات الصغيرة من ستسطر
حياتي ، بل ستتسابق المجلدات والعقول و الافئدة لتحتوي شعاع نجمي .
وبينما كانت كلماتي تتسابق كي تحجز لها مقعدا بين سطور مفكرتي ، انطلقت
وداعية العروس لتنقلها الى بيت الزوجية ، ومعها
تباطأت كلماتي واستراحت في مهاجعها استعدادا للقصة القادمة .
أعد المقالة : أمينة عبد القادر عثمان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق