الثلاثاء، 18 أبريل 2017

بين أرض الواقع و سماء الإفتراضية




كُلنا تراودنا تلك الأحلام و الرغبات ، ماهي رغبتك ؟ بماذا تحلم ؟ أخبرني عن خططك المستقبلية وأين ترى نفسك بعد عدد من الأعوام ؟؟
هذه الإستفسارات وغيرها تكون غالبا محور حديثنا، سواءً أكان مع أشخاص جدد أو من نعرفهم من قديم الأزل .

بطبيعتنا نعشق كل جميل ، و نرغب بِكل نفيس ونهوى كل نادر، ترانا نغوص في كلمات الرغبات  عن أي رغبات أتحدث ؟! إنها رغبات و أحلام الحياة ، كشراء سيارة فارهة و التربع  داخل بيت فسيح ، والإقتران بزوجة من الحور العين، وإنجاب أبناء بمواصفات خاصة، والعيش في مدينة تتسم برقي في الحضارة وسمو وفي أخلاق ساكِنيها ، الحياة كما  يجب أن تكون برأي كثير من الأشخاص ، هؤلاء الأشخاص كثيراً ما نصادفهم يتحدثون عن المثالية، يخبرونك كيف يجب أن تكون الحياة وعلى أي نحو يجب أن تُساق  الأمور ، قد تقضي معهم ساعات طوال دون أن تخرج منها بفائدة تذكر ، كلما حاولت أن تجذبهم إلى الواقع حلقوا بك إلى أعالي السحب .
هناك خيط رفيع بين الحياة الإفتراضية والحياة الواقعية ، فعندما  تطلب المثالية من الآخرين يجب أن تكون مثاليا بالمقابل ، وهذا غالبا محال، و المثير للدهشة أن كثيراً ممن يطالبونك بارتداء ثوب المثالية ، يرتدون ما هو نقيضه .

كلنا نعلم عن مثالية الحياة وكيف يجب أن تكون ، فنحن نعيش المثالية عند استماعنا لقصة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، كيف غير حياة من حوله ، من الفوضى إلى الإنتظام ومن العشوائية إلى النقاء و الوضوح , من ظُلمة الجهل إلى نور العلم، ومن ضيق العقل إلى سعة أفق التفكير  ومن ثم تبعه الخلفاء الراشدون ، حاولوا بكل جهدهم  التشبث بمثالية الفكر و الأخلاق ، أصروا أن يقودوا أمتهم نحو طريق الكرامة و الإنسانية  ولكن مع توالي الصفحات وتسارع عقارب الزمن بدأ زمرة من البشر الحيود عن طريق الإنسانية ، ورسموا طريقاً أخر يخدم مصالحهم ، ثم بعد ذلك أقنعوا الناس لإتباعهم ، مع توالي الأجيال تزايد عدد الطُرق ، ودثرت رمال النسيان طريق الصواب ، حتى لم تعد ظاهرة للعيان ، من أراد البحث عنها فليتبع نجم ضميره المتوهج داخل سماء صدره ومن أُبتلي بعدم ثبات بوصلة صدره فعليه أن يُحسن إختيار من يتبع من قومه .

فمن أحسن الإختيار حاز على الفلاح ووقاه الله بمشيئته سبحانه من وحشة الواقع 

ووحدتها العابسة .

أعد المقالة :

أمينة عبد القادر عثمان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق