كُلنا
تراودنا تلك الأحلام و الرغبات ، ماهي رغبتك ؟ بماذا تحلم ؟ أخبرني عن خططك
المستقبلية وأين ترى نفسك بعد عدد من الأعوام ؟؟
هذه
الإستفسارات وغيرها تكون غالبا محور حديثنا، سواءً أكان مع أشخاص جدد أو من نعرفهم
من قديم الأزل .
بطبيعتنا نعشق كل
جميل ، و نرغب بِكل نفيس ونهوى كل نادر، ترانا نغوص في كلمات الرغبات عن أي
رغبات أتحدث ؟! إنها رغبات و أحلام الحياة ، كشراء سيارة فارهة و التربع
داخل بيت فسيح ، والإقتران بزوجة من الحور العين، وإنجاب أبناء بمواصفات
خاصة، والعيش في مدينة تتسم برقي في الحضارة وسمو وفي أخلاق ساكِنيها ، الحياة
كما يجب أن تكون برأي كثير من الأشخاص ، هؤلاء
الأشخاص كثيراً ما نصادفهم يتحدثون عن المثالية، يخبرونك كيف يجب أن تكون الحياة وعلى
أي نحو يجب أن تُساق الأمور ، قد تقضي
معهم ساعات طوال دون أن تخرج منها بفائدة تذكر ، كلما حاولت أن تجذبهم إلى الواقع
حلقوا بك إلى أعالي السحب .
هناك خيط رفيع بين
الحياة الإفتراضية والحياة الواقعية ، فعندما
تطلب المثالية من الآخرين يجب أن تكون مثاليا بالمقابل ، وهذا غالبا محال،
و المثير للدهشة أن كثيراً ممن يطالبونك بارتداء ثوب المثالية ، يرتدون ما هو
نقيضه .
كلنا نعلم عن مثالية
الحياة وكيف يجب أن تكون ، فنحن نعيش المثالية عند استماعنا لقصة الرسول محمد صلى
الله عليه وسلم ، كيف غير حياة من حوله ، من الفوضى إلى الإنتظام ومن العشوائية
إلى النقاء و الوضوح , من ظُلمة الجهل إلى نور العلم، ومن ضيق العقل إلى سعة أفق
التفكير ومن ثم تبعه الخلفاء الراشدون ، حاولوا بكل جهدهم التشبث بمثالية الفكر و الأخلاق ، أصروا أن
يقودوا أمتهم نحو طريق الكرامة و الإنسانية ولكن مع توالي الصفحات وتسارع عقارب
الزمن بدأ زمرة من البشر الحيود عن طريق الإنسانية ، ورسموا طريقاً أخر يخدم
مصالحهم ، ثم بعد ذلك أقنعوا الناس لإتباعهم ، مع توالي الأجيال تزايد عدد الطُرق
، ودثرت رمال النسيان طريق الصواب ، حتى لم تعد ظاهرة للعيان ، من أراد
البحث عنها فليتبع نجم ضميره المتوهج داخل سماء صدره ومن أُبتلي بعدم ثبات بوصلة
صدره فعليه أن يُحسن إختيار من يتبع من قومه .
فمن أحسن
الإختيار حاز على الفلاح ووقاه الله بمشيئته سبحانه من وحشة الواقع
ووحدتها
العابسة .
أعد المقالة :
أمينة عبد القادر
عثمان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق