الخميس، 5 سبتمبر 2019

نعم أعلم : لا أحد يهتم



       أشعر بأني صخرة لا يزيحها رياح الهوى، يبدو الناس من حولي يتمايلون وأكثر مرونة سألت في نفسي لما أنا جامدة هكذا ؟ لدي طاقة متأججة مثل بركان تدفق حممه من فوهة جبل،يا ترى ما يكبلك يا نفسي !



 بعد تسعة أشهر من العزلة ، فقدان أخي الجميل الشاب ، بنى حاجِزاَ زجاجياً متشققاً حولي يحجبني عن العالم الخارجي ، أعترف لكم بأن ليس من سجيتي الإختلاط الذي لا معنى له ، غالباً ما أفضل العُزلة أو ممارسة هواية بدل أن أقضي ساعات بين غيبة نساء أو التبحر خلال أحلام المراهقات ، ليس هذا تقليلاً من شأن النساء أو الفتيات غير أني من الفترة التي قضيتها بين الطرفين إستنتجت بأن حديث النساء مجرد ذنوب دون أي حكمة أو عائِد معرفي عميق يمكن أن نستقيه كما في الماضي من أجدادنا و جداتنا، أخبروني كيف يمكنني أن أطبق نصائح إمرأة تسُب زوجها أو طليقها و من ثم  تعود لتعطيني نصائح عن الحياة الزوجية السعيدة ! 
أما فيما يخص الفتيات أو المراهقات فغالباً ما تكون أحلامهن سطحية و خيالية ( وأغلبها من الغيبيات التي لا يمكن بناء خطط عليها)  بالرغم من جمالها في غالب الأحيان إلا أني لم أمر بمرحلة المراهقة، لم أنتبه إلى الأمر إلا حينما تجاوزت الثالثة و العشرين من عمري ، أنا متيقنة بأن من يقرأ هذا الكلام من الآباء و الأمهات سيتمنى بإبنة مثلي لا ترهقهم بمراهقتها .......

أعتذر لقد إنقطع حبل أفكاري المتسلسل ، شرد عقلي قليلاً وأخذت عيناي تتأملان ، هُناك صخب و أصوات عالية ووجوه جميلة في الأرجاء ولكن في داخلي صمت مضجر ، لمع وميض في حجرة عقلي المظلمة إنها إضاءة شمعة صغيرة ولكنها كانت كافية لتتمكن حروفي من إيجاد بعضها ونظم صفوفها لتكوين كلمات معبرة عن الحال الحالي ، بعد وقت ليس بالطويل إنطفأ فتيل الشمعة المضيء إثر تسرب .... دعونا نسميها...
بفيروسات العتمة، وهي تتكون غالبا من أحداث حزينة و مواقف صادمة قد تعرضت لها في ومضات سابقة من حياتي ، ولكن بشكل فطري كنت أتبع اسلوب التناسي والمضي قدماً ، كنت وبشكل تلقائي أجمع هذه الفيروسات المؤذية لقلبي وأضعها في حاويات و أرسلها الى فضاء النسيان ، كان لدي أفكار وخطط يجب أن أقوم بها أكبر بكثير من صدمة أو مشكلة قد تعرضت لها ، كنت أرى بأن هذه من توافه الأمور ، كان لابد أن أكون جادة و مجتهدة ، لم يكن لدي فرصة أو حتى خيار لإرتكاب الأخطاء.

 لم أختر هذا النمط من الحياة لنفسي بل وجدته مفصلاً من أجلي من قبل أن أرى زرقة السماء 
كان الهدف الأساسي من مهمتي هو الحفاظ على ترابط أسرتي المكونة من خمس أشخاص. 

 قد تجد الأمر جنونياً بأن هذا الهدف تملكني منذ كنت طفلة لا تعي معنى كلمة أسرة، من أحاديث أمي لي عن طفولتي التي لا أذكر منها شيء البتة ،كم كنت أهتم بِتجمع أهلي من حولي و مقدار العاطفة التي كانت تتملكني نحوهم 
وبطبيعة الحياة القاسية ...أعتذر ... وبطبيعة بعض الناس القاسية في هذه الحياة  تم تقطيع أسرتي الى أشلاء.لم أفكر بالحلوى كبقية الأطفال ولكن كنت أصيح باحثة عن إخوتي،أين هم؟ 

 بلطف من الله و تقديره تم جمع شمل أسرتي ، بعد عدة سنوات وفي المرحلة الابتدائية أصبح جميع أسرتي حولي ، أمي ،أخي الأكبر، أخي الأوسط وأخي الصغير الذي يكبرني في نفس الوقت ، ما رأيكم بأسرتي الجميلة ؟ ... بعد فترة من الزمن وبينما أنا أتسامر مع زميلاتي في المدرسة، بدأت أسمع باسم غريب (أب) كل واحدة منهن كانت تتحدث عن والدها ، هذه عندما أخذها إلى الملاهي ، وتلك عندما أحضر لها ملابس العيد ، والأخيرة عندما وعدها بهدية قيمة إذا ما نجحت بدرجات عالية في نهاية الفصل الدراسي .بقيت أنا صامتة ... هناك أمر ما غير صائب ! نعم إنه مصطلح الأب ... أين أبي؟ صحيح بأني أعرف إسمه وسمعت بعض القصص عنه و لكن الأمر بالنسبة لي أشبه بالخيال ، كأننا نتحدث عن أناس من الماضي لا يمكننا لمسهم أو سماع صوت أسمائنا تخرج من بين شفاهم .
 عدت إلى المنزل جلست مع نفسي و بدأت أتذكر بعض الأحداث .... نعم أبي ذلك الرجل الذي أخبرتني أمي عنه ... كم كان يحبني ويدللني وأنا طفلة .... كان يرغب بابنة منذ البداية ... إلى أن أتيت بعد ثلاث أطفال ذكور ، كانت فرحته لا توصف ..... بدأ حديث أمي يتكون في ذاكرتي ، ذلك الحديث الذي جرى بيننا منذ سنوات قليلة مضت ....نعم تذكرت لقد أخبرتني بأن أبي مات ، أعتقد بأني لم أفهم أو أستوعب ما قالته لي حينها ، كنت أطيل شعري لأن أمي كانت تخبرني بأن والدي كان يُحب الشعر الطويل ، نعم يبدو أنني تذكرت أليس كذلك ؟! حسنا لقد تذكرت ...... أين المقص ...نعم وجدته إنه هناك ....

القهوة على النار ... أعتذر ، إنتظر قليلاً حتى أحضر القهوة .


أين كنا ... نعم المِقص .... باختصار شديد قمت بقص شعري ، كنت لا أزال في المرحلة الابتدائية ، كانت المرة الأولى التي أقص فيها خصلات شعري ، عندما سألتني أمي عن سبب تصرفي هذا...قلت كلمات متقطعة منها أبي...شعر...يحب...ينظر...طويل ، إستنتجت أمي الأمر وابتسمت لي وقالت: لا بأس سوف يطول مرة اخرى.


هذا يعني بأن أسرتي قد نقص منها شخص مهم جداً ، ولكن لا بأس يمكنني أن أجعله فخوراً في قبره الذي لا أعرف أين موضعه،  المهمة ما زالت قائمة يجب أن أكون فتاة صالحة و أدعم أسرتي ... ماذا أستمتع بطفولتي ؟ ماذا تعني بالطفولة ؟ .....ماذا أستمتع بشبابي ؟ كيف أصنع ذلك؟ ... لا تقلق الحياة طويلة سياتي وقت المتعة ولكن الآن يجب أن أجتهد يجب أن أتحلى بالمسؤولية، ليس هناك مجال للخطأ ، لو أخطأت ولو لمرة واحدة سوف أدمر هدفي .... يجب أن أكون مهذبة و أحصل على درجات ممتازة في المدرسة ، أن لا أتصرف بدلال وأطلب مالا تستطيع والدتي توفيره ، فلكي تصبح مدلل تحتاج إلى شخص يُدللك ، أليس كذالك ؟

ها أنا ذا في الشهر الأخير من مسيرتي الجامعية ، التي إستمتعت بها كثيراً ، أنجزت فيها الكثير ، حصلت على دورات كثيرة تطور من نفسي و تزيد من فرصي الوظيفية ، و الأهم من ذلك حصلت على درجة الإمتياز في جميع موادي الدراسية ، أضف قليلاً من بريق النشاط التطوعي ...نعم ممتاز ،هل رأيت النتيجة النهائية للوحة ؟ جميلة أليس كذلك ؟

غالباً ما تُفكر الفتيات في هذه اللحظة بحفل التخرج و بالهدايا الكثيرة التي يُفترض أن يحصُلن عليها ، وبالطبع كاتبة هذه السطور  الجميلة ما زالت تفكر بالهدف الأساسي .... نعم إن أخي الأوسط مريض جداً في بلادٍ بعيدة .... ولكن لا تقلق لقد طمأننا بأنه بخير أو أصبح أفضل من ذي قبل ، كيف يمكنني مساعدته ...أخبرني؟... لا يمكنني السفر إليه ، ليس لدي المال الكافي ... لا يمكنني أن أرسله إلى مستشفى خاصة لنفس السبب ... حسناً لا بأس سوف أحصل على وظيفة في مجال تخصصي ، أعتقد بأن الراتب سيكون كافياً للحصول على سرير فاخر في مستشفى خاصة ، هو فقط يحتاج إلى عناية لا أكثر .... حسناً تبدو فكرة مناسبة أليس كذالك ؟

لقد مرت سنة كاملة منذ تخرجي من الجامعة ... بالمناسبة لقد حصلت على مرتبة الشرف الأولى ، جميل أليس كذالك ؟ ... نعم لم أحصل على وظيفة ...ولكن لماذا ؟ لقد حصلت على جميع طلباتهم !
جاءني إتصال من رقم غريب ، قمت بالرد ، كان المتحدث رجل ، أخبرني بأنه صديق أخي المريض ، وبعد تردد قال لي بأن أخي في غيبوبة ... طلب مني التحدث إلى شخص كبير أو إلى رجل ، أعتقد بأن صوتي يوحي بالضعف وقلة الحيلة ..... توقفت لبرهة أفكر في كلامه ، ركضت إلى أخي الاخر و أخبرته ... اختبأت بعيداً عن الجميع وجلست أدعو الله أن يشفيه من الغيبوبة
أعتقد بأنكم تعرفون حقيقة ما حدث ، حقيقة أنه مات ...حقيقة أن صديق أخي لم يتجرأ أن يخبرني بموته و إدعى بأنه في غيبوبة حتى لا يصدم صاحبة الصوت الضعيف ... صاحبة الصوت الكسير .
لم أستطع من مساعدة أخي ، لم أستطع الحصول على عمل حقيقي ليس من أجل المكياج أو السياحة و الترفه بل من أجل هدف أهم لم أبكي أمام الناس ، كنت هادءة أو مبتسمة ، لم يكن هناك وقت للجلوس، يجب أن أستقبل الضيوف المعزين و أبدو قوية أمام أمي و من بقي من إخوتي .
 إستمر إستقبال العزاء لمدة شهرين ، ومن ثم بدأ المعزين في تناقص ،وبعد أربعة أشهر توقف الجميع عن الحضور ... يعني أخي مات مثل أبي أليس كذالك ؟ لماذا لا أشعر بأنه ميت ... ربما ما زال هُناك  يُكمل دراسته ...ولكن ماهذه الدموع ، لماذا أنا أشعر بالألم ! بعد فترة ليست بالقليلة طلبت مني والدتي الذهاب إلى زواج إحدى قريباتنا ، كمحاولة منها لإخراجي من عزلتي ...لم أعترض ، في يوم الزواج ذهبت إلى خزانتي وبحثت فيها عن فستان مناسب ....نعم وجدت واحدة ... وماذا عن شعري ؟ لا تقلق لقد قمت بغسله و تعريضه لمجفف الشعر في اليوم السابق ....أنظر سأقوم بإسداله ... نعم يبدو جميلاً ....ماذا أذهب إلى الصالون من أجل عمل تسريحة ؟ ...لا أنا لم أذهب إلى صالون من قبل ...لماذا؟ ...ماذا تقصد من لماذا !

ألم أخبرك سابقاً بأن الشخص لا يصبح مدللاً إلا عندما يجد من يقوم بتدليله .

ها أنا ذَا جالسة على أحد المقاعد في قاعة الزواج بمظهر كلاسيكي هادء ،أتأمل في الناس بِعقل فارغ إلى أن جلست أمامي إمرأة لا أعرفها وبدأت تتحدث ، أخبرتني بأنها لم تستطع حضور عزاء أخي لأسباب غير مهمة  وأن أخبر أمي بأمر تقديمها للعزاء، وأخبرتني عن إسمها ، بادلتُها الحديث بابتسامة وقلت إن شاء الله سوف أخبر أمي التي هي حاضرة في القاعة ، وبمجرد إنصرافها من أمامي شعرت بجمود في عقلي، أمر أشبه بالفراغ ، وبعد لحضات بدأت عيناي تدمعان ... يا إلهي لا يمكنني البكاء في زواج ... إنه أخي الحبيب ... نعم إنه هو عندما كان يلعب معي وأنا صغيرة ، إنه ....أرجوك توقفي عن البكاء ، أنت في زواج ماذا سيظن الناس؟!...ولاكن لماذا لا يمكنني التوقف عن البكاء! ...حسناً يجب أن أذهب الى غرفة المرايا و أتظاهر بأني أزين شعري هناك حتى أهدأ وهذه الدموع تتوقف ...فكرة صائبة أليس كذلك ؟
عدت إلى مقعدي ورسمت على وجهي إبتسامتي المشرقة ، لم أكن مضطرة للإبتسامة ولكن هذا طبعي أبتسم دائما كالبلهاء حتى لا أشعر الناس بحزني ...هذا طبعي منذ كنت صغيرة ...لا أعلم من أدخل هذه الفكرة في رأسي ، وهي:

إبتسم أمام الآخرين فكل شخص لديه مشاكله الخاصة ،لا داعي بأن تثقل يومه بعبوسك أيضاً بالإضافة إلى أن إبتسامتك قد تُسعد يومه 
 قال الرسول صلى الله عليه وسلم (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة).


دعونا نتوقف قليلاً ونعيد ترتيب أفكارنا ... لقد أضعت مغزا الحوار ... لم أعد أتذكر الهدف من حديثي معكم ... أعتقد لماذا أنا جادة أو .... لماذا أبدو هكذا ...أعتقد بأني لم أعد أعرف ماذا أريد .
 هل كنت مخطئة بأهدافي ؟
هل كنت مخطئة لعدم إستماعي لثرثرة النساء أو لأحلام الفتيات الوردية ؟
هل تحملي للمسؤلية و تصرفي بجدية لم يكن أمراً صائباً؟ أم أتراها ابتسامتي الطفولية المشرقة ؟
 أم هو بسبب إهمال من حولي و عدم تحملهم المسؤلية ؟

لم يعد بمقدوري إرسال الفيروسات المعتمة إلى عالم النسيان ، بل على العكس بدأت الحاويات التي كنت أتخلص منها بالعودة ، غزت الفيروسات المعتمة واقتاتت على ضوء حروفي و نور أفكاري ، حتى أصبح كل شيء حولي محاطاً بالعتمة ، حتى كلماتي التي أُقدِمها لك أصبحت تحمل الوحدة و الوحشة في ثناياها ، أصبحت أفكاري هزيلة مملة ، أشعر بأني أتلاشى شيءً فشيءً ...سأوقف حروفي هنا ، سأبتسم الأن ... نعم تذكرت كان أخي رحمه الله يبتسم ولديه تعابير فكاهية ...كان يصنع ذلك ليشتت إنتباهي عن حزنه و ألمه .....أعذرني عزيزي القارئ أنا فقط سأبتسم ،لأني لا أعرف القيام بالأمور الفكاهية مثله ، أنا فقط يمكنني القيام بالإبتسامة البلهاء ... أعتقد بأنها إبتسامة مشرقة ... ولكن ما أدراني بهذه الأمور ، بعض الناس يرى بأنها إبتسامة بلهاء من أجل ذلك لا أحد يهتم .
................



أعلم أمراً واحداً حقيقة أني لم أندم على تحملي المسؤلية ، حقيقة أني لم أخذل أحد ، حقيقة أني لم أعطل سير الحياة. 
ببساطة هل فكرت بالمقعد الخشبي المهترئ الذي تجلس عليه في المدرسة ؟ تسألني ماذا عنه؟ ساقول لك وأستفسر على الأخص، هل شعرت بقيمة هذا الكرسي ؟ وأن عليك أن تتحمل المسؤلية بالاجتهاد و النجاح من أول مرة تجلس عليه ؟

هناك مواقف كثيرة تعيق سير حياة الآخرين ، قد تجعلهم معلقين من أعناقهم فقط لأن أشخاصاً قررو عدم تحمل مسؤلية تصرفاتهم 
عزيزي القارئ قد تنقذ حياة شخص بكلمة أو بتصرف بسيط لا تتصبب منه عرقاً أو تنزف منه دما .

كلمة من إنسان ذو منصب قد تحي أقوام و تهلك أقوام أنا لا امزح فيما أقول ، فنحن بِتنا في زمن قد تنتقل فيه ملكية أرض بأسرها بمجرد كلمة من شخص ما ! خَطة قلم بَخس الثمن على ورقة بيضاء بمقاس  A4 قد تحول حياة إنسان إلى جحيم أو قد تفتح له أبواب جنة الدنيا  كلمة واحدة من إمرأة جاهلة عديمة مسؤلية قد تُنهي زواج فتاة في بداية تفتحها أو ربما تمنعها من التكون من الأساس ، كلمة من أب قد تحول حياة ابنته أو ابنه من النقيض إلى النقيض.

 

بقلم: أمينة عبد القادر عثمان
تصميم الصور: أمينة عثمان



إتفاق معك




            مرت أيام و شهور منذ آخر موضوع قمت بكتابته، أصبحت كلماتي أكثر تثاقلاً وأقل رغبة في الإصطفاف على سطور ورقتي البيضاء ،أتراها إزدادت كسلاً من طول مكوثها داخل حُجرات مخيلتي ؟
 أم أن كثرة الأحلام جعلتها تُحلق في الفضاء حتى إذا ما إعتادت على إنعدام الواقع  تناست بأن بِمقدورها الترابط و السكون بين سطور الأوراق؟!

بالتأكيد هي تناست ولَم تنسى مطلقاً مدى براعتها في نسق الجمل و سرد الاّراء، فعندما تكون في فضاء مخيلتي في لحظة إنعدام الواقع المحزن تنبثق تلك الكلمات بالقصص و الأحداث ، وتبُث في ذلك الفضاء الصامت الحياة، تتسابق العبارات لِتُكوِن الجمل لتنير كالنجوم بمعانيها و تناسُقها فيما بينها، في تلك اللحظة يزداد دقات قلبي و يصبح جسدي أكثر دفأ ووجهي أكثر إشراقاً.
أذهب مسرعة بخطوات متقاربة تشبه بالهرولة باحثة عن ورقة وقلم، عيناي تلتقِطان أكبر قدر ممكن من المحيط لتبحث عن الصورة المطلوبة ...نعم إنها الصورة التي تُظهِر الورقة و القلم.
بعد أن أجلس لأُحول تلك النجوم من الأفكار التي تجري بسرعة فائِقة في فضاء مخيلتي إلى حروف مترابطة متتابعة خلف بعضها داخل أسطر متراصة بعضها فوق بعض ، في اللحظة التي يرتطم بها رأس القلم المدبب بسطح الورقة ينطفئ  فيه بريق تلك النجوم ، يصبح خالياً معتماً من جديد كأنه لم يكن هناك نور قط.

قررت محاولة كتابة عبارات قريبة من تلك التي كانت في مخيلتي ولكني أجدها باهتة فأمزق الورقة ، ولكن بعد تكرر هذا الأمر ، قررت بأنه يجب علي الكتابة، ربما بعد محاولات كثيرة أتمكن من إنارة مخيلتي قد يكون الأمر كإحداث شرارة تلو شرارة لإشعال النار في ليلة شديدة البرودة.

فإن وجدت أيها القارئ العزيز بأن كلماتي باهتة قليلاً أو مصحوبة بقليلٍ من الصقيع فاستخدم نور مخيلتك وشرارة فكرك لرؤية جمال كلماتي.


بقلم: أمينة عبد القادر عثمان